لقد انتشرت ممارسة اليوغا في جميع أنحاء العالم، و حازت على شهرة هائلة إذ يلتجئ اليها الكثير من الناس لاعتقادهم أنها مجرد رياضة تتضمن منافع صحية و نفسية كثيرة، فهي تقوي الجسم و تعالج التوتر و الضغط النفسي اللذان هما من سمات عصرنا الحالي، لكن القليل من الناس من يعرف اليوغا حق المعرفة، و يعلم مصدرها و الأفكار التي تنبني عليها، فإذا كنت ترغب في ممارسة اليوغا من أجل تحصيل تلك المنافع الجسدية و النفسية المزعومة فمن الأفضل أن تعرف حقيقتها أولا، هذه المقالة بعنوان حقيقة اليوغا سنحاول خلالها التعرف على هذه الممارسة عن كثب لنعلم ما لها و ما عليها.
ماهي اليوغا؟
اليوغا هي كلمة سنسكريتية – لغة هندية قديمة – تعني الاتحاد و الاندماج، فهي عبارة عن فلسفة هندية هدفها اتحاد الانسان مع روح الكون الذي هو الله بواسطة حركات و وضعيات وقضاء ساعات في التأمل و الاسترخاء مع اتباع نظام غذائي معين حتى يتحقق للإنسان الصفاء الذهني.
تاريخ ممارسة اليوغا
إن تاريخ ممارسة اليوغا موغل في القدم قدم الديانة الهندوسية نفسها، لأن اليوغا في حقيقتها ما هي إلا طقس من طقوس تلك الديانة، و كانت ممارستها في السابق مقتصرة على النساك و الزهاد الذين انقطعوا عن الدنيا و تفرغوا للعبادة.
فإذا كانت اليوغا قد بدأت في الهند فكيف استطاعت أن تغزو العالم الغربي خصوصا؟
لقد طغت النزعة المادية في العالم الغربي منذ الثورة الصناعية، و ابتعد الناس أكثر فأكثر عن الدين مما نتج عنه فراغ روحي خطير، و كان العقل الغربي مستعدا لقبول أي شيء يسد هذا الفراغ.
بدأت اليوغا تنتشر في الغرب مع هجرة الهنود إلى الولايات المتحدة في بداية القرن العشرين، و في الستينات وصل رجل يدعى مهاريشي هاريش إلى الولايات المتحدة قادما من الهند حيث نشأ و تشبع بالمعتقدات الهندوسية، فلما جاء إلى امريكا أخد ينشر أفكاره و معتقداته بين الناس و من ضمنها اليوغا على اعتبار أنها ممارسة بدنية روحية فتلقى الناس افكاره بالقبول، و بدأت اليوغا تنتشر و تزداد شعبيتها يوما بعد يوم.لدرجة أنه قد خصص لها يوم عالمي يوافق 21 يونيو.
هل اليوغا رياضة؟
لطالما اعتبر الكثير من الناس أن اليوغا هي مجرد رياضة تفيد الجسم و الروح معا و ليس لها علاقة بأي دين، و لكن الحقيقة هي خلاف ذلك تماما فاليوغا طقس ديني هندوسي الهدف منه الاتحاد بين روح الفرد و الاله.
يذكر كتاب الاوبانيشاد الذي هو كتاب مقدس عند الهندوس:
اليوغا بمعناها الأصلي ليس لها علاقة تذكر بالرياضة، اليوغا تأتي من الفعل السنسكريتي الذي يعني الاتحاد، فالهدف من اليوغا هو الاتحاد بالإله، و ممارسة اليوغا هو الطريق الذي نسلكه لتحقيق هذا الهدف.
و يقول سادجورو الذي يسمونه حكيم الهند و أحد أكبر مروجي اليوغا حاليا:
اليوغا ليست تمرينا أو طريقة لتعزيز الصحة، يتعلق الأمر بالوصول إلى ما هو أبعد من ذلك، إنها تدور حول نظام و طريقة لجعل جسمك و عقلك و مشاعرك و طاقتك سلما للإلوهية.
إذن فكبار معلمي اليوغا الهندوس ينفون نفيا قاطعا أن تكون اليوغا مجرد رياضة، بل هي جزء من المعتقدات الهندوسية و شعيرة من شعائرها، فاليوغا مقاصدها عقائدية بالدرجة الاولى.
ما الذي تعنيه حركات اليوغا حقيقة؟
إن مما لا يدركه الكثيرون أن معظم جلسات اليوغا هي جلسات دينية مرتبطة بطريقة تقديم الصلاة و العبادة لآلهة الهندوس، و بعض حركاتها تعبر عن تقديس للشمس.
من أجل ذلك اصدرت دار الافتاء المصرية سنة 2004 فتوى تحرم اليوغا باعتبارها من طرق التنسك الهندوسية، و لا يجوز اتخاذها طريقا للرياضة.
هل فعلا لليوغا فوائد صحية؟
إن اليوغا تتضمن ثلاثة عناصر رئيسية:
الوضعيات و هي سلسلة من الحركات منها البسيط و منها الصعب، هدفها اكساب الجسم المرونة.
التنفس العميق، ثم التأمل، هذا مع ترديد ترانيم خاصة بالهندوسية.
و لذلك يزعم الكثيرون أن لليوغا منافع صحية و نفسية كثيرة، ففي الجانب النفسي هي تقلل من القلق و التوتر، تعالج اضطرابات النوم، تساعد على التركيز، و على المستوى الصحي فهي تنشط الدورة الدموية، تقلل من أوجاع الرقبة و الظهر.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تلك الفوائد الصحية و النفسية تختص بها اليوغا وحدها؟ فقد يمارس شخص مصاب بألم في الرقبة اليوغا فيخف عنه الألم، لكن هل اليوغا نفسها هي التي يرجع لها الفضل، أم للتمارين الرياضية التي تتضمنها و التي يمكن ممارستها لوحدها دون أن تكون مرتبطة بدين معين؟
و عليه فإن ما يشعر به المرء من استرخاء و هدوء بعد ممارسة اليوغا ما هو إلا نتاج للحركات الرياضية التي لا تختص بها اليوغا وحدها. فالحقيقة المؤكدة انه لا يظهر تميز على الاطلاق لليوغا عن سائر الحركات الرياضية من حيث المنافع الصحية و النفسية، فمن المعروف أن الرياضة ككل تقلل من الاكتئاب و التوتر و تزيد من الثقة في النفس و تنشط الدورة الدموية و تقوي المناعة و غير ذلك.
لكن أخطر ما في اليوغا هو أن تلك الوضعيات و الحركات التي تتضمنها ليست اعتباطية، بل لكل منها مدلول ديني في الهندوسية، كما أن العبارات و الترانيم التي يتم ترديدها زعما أنها تساعد على الاسترخاء كلها مستمدة من الهندوسية و تتلى في معابد الهند من أجل تمجيد الالهة.
حقيقة اليوغا و أضرارها
لقد صرح الكثير من المبتدئين في ممارسة اليوغا أنهم و خلال جلسات التأمل الطويلة التي يخيم عليها السكون التام قد رأوا أشياء مرعبة، و انتابتهم حالات من الهلوسة أو حصل لهم اغماء مفاجئ، و بالنسبة لمعلمي اليوغا فذلك دليل على نجاح العملية، و أن الممارس قد اتحدت روحه بالإله، و هذا كله محض هراء و دجل، بل هو عبارة عن أعمال شيطانية لا يساورها الشك.
ففي الهند يقوم المحترفين لليوغا و الذين يطلق عليهم اسم الغورو بأعمال تبدو خارقة للعادة، كالاستلقاء فوق طاولة مليئة بالمسامير، أو الجلوس قرب النار ساعات طوال، و يعتبرون أنها معجزات قد نالوها بفضل ذلك الاتحاد المزعوم، و يصدق الناس في الهند ذلك، و ما ذلك إلا من أعمال السحر و الشعوذة التي يمكن أن تصادف مثلها في مختلف انحاء العالم.
هل يمكن عزل اليوغا عن معتقداتها؟
لقد اشرنا إلى أن ممارس اليوغا قد ينعم ببعض الفوائد الجسدية و النفسية و ذلك ليس بفضل اليوغا نفسها بل بفضل التمارين الرياضية التي تتضمنها، و التي هي ليست هدفها في المقام الأول، و من المعروف أن الرياضة ككل تحسن الصحة النفسية و البدنية و بالتالي يمكن للإنسان أن يلتجئ إلى ممارسات رياضية اخرى كثيرة تقدم المنافع ذاتها و لا ترتبط بأي ديانة، و تجعل المرء طاهرا من تلك الممارسات الوثنية.
و في الاسلام من يمارس اليوغا و هو مؤمن بمعتقداتها باعتبارها وسيلة للاتحاد بالإله فهذا قد خرج من الاسلام، أما من يمارسها لمجرد فوائدها فهو بهذا العمل يتشبه بالهندوس، و قد قال الرسول صلى الله عليه و سلم:
من تشبه بقوم فهو منهم.
هذه إذن كانت حقيقة اليوغا التي هي في المجمل طقس ديني هندوسي تم الترويج لها بنجاح على أنها أفضل وسيلة لتحقيق الهدوء و السكينة في قلب هذه الحياة العصرية الصاخبة، لكن حقيقتها كانت محاولة لنشر الافكار الوثنية الهندوسية بين الناس.