في سنة 2009 تم وضع تصنيف نوفا للطعام على يد مجموعة من العلماء من البرازيل، و منذ ذلك الحين و هذا التصنيف يلقى قبولا كبيرا في مختلف أنحاء العالم، فلقد مكن المستهلكين من أن يهتدوا إلى الأطعمة الأكثر صحية من بين الاختيارات الهائلة التي يجدون أنفسهم أمامها في المتاجر، إن الذي جعل هذا التصنيف مفيدا هو كونه يعتمد على درجة المعالجة التي يخضع لها الطعام، لأنه قد ثبت علميا أن درجة المعالجة لها علاقة وطيدة بالصحة، إذا كنت مهتما بمعرفة الأطعمة الصحية التي تقيك من أمراض العصر كالسمنة و الأمراض المزمنة فأنت في المكان الصحيح.
التصنيفات التقليدية للطعام
يتم تقسيم الطعام حسب محتواه من العناصر الغذائية الى اربع مجموعات رئيسية:
أطعمة غنية بالكاربوهيدرات: كالبطاطس، الخبز، كالعسل، و السكر و الدقيق و البسكويت و غيرها
أطعمة غنية بالبروتينات: كالاسماك، اللحوم الطازجة، و البيض و مشتقات الالبان و النقانق.
أطعمة غنية بالدهنيات: كالزيتون و الزيت المائدة و الزبدة
أطعمة غنية بالفيتامينات و المعادن: كالفواكه و الخضر و الاسماك.
إن هذا التقسيم المشهور للطعام لا يأخد بعين الاعتبار هل الطعام طبيعي أم مصنع، بل فقط على محتواه من المواد المغذية، لذلك يمكن أن تجد العسل الذي ينتمي لمجموعة الكاربوهيدرات جنبا الى جنب مع البسكويت مثلا، فمعالجة الطعام التي نقصد بها تلك العمليات التي يخضع لها الطعام حتى يصبح صالحا للاستهلاك لم تكن ذات أهمية تذكر.
ما الغاية من تصنيف نوفا للطعام؟
منذ النصف الثاني من القرن العشرين بدأت صناعة الغذاء تزدهر، و أخدت الأطعمة المعالجة في المصانع تطرق كل باب، و تحظى بشعبية جارفة، و تزيل النظم الغذائية التي تعتمد على عناصر طبيعية من المضمار، و سبب نجاحها أنها اطعمة سهلة التحضير أو قابلة للاستهلاك مباشرة، كما أنها لذيذة تعتمد أساسا على السكريات و الدهون و الملح لجعلها لا تقاوم.
لكن بدأ يتضح جليا وجود علاقة وطيدة بين هذه الأطعمة المصنعة و الصحة العامة، فكلما ازداد استهلاكها إلا و ارتفعت نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة و السمنة، و قد تم الإشارة إلى ذلك في تقارير عدة للأمم المتحدة و منظمات موثوقة كمنظمة الصحة العالمية.
إذن الذي تسبب في ارتفاع نسبة المصابين بالسمنة و الأمراض المزمنة ليس المحتوى الغذائي للأطعمة بل بالدرجة الأكبر المعالجة التي خضع لها قبل أن يصل الينا.
لذلك كان لابد من إيجاد تصنيف جديد لا يعتمد على العناصر المغذية في الطعام بل على درجة المعالجة التي تعرض لها.
في سنة 2009 أصدر مركز الدراسات الوبائية و الصحة و التغذية في البرازيل تصنيفا للطعام عرف بتصنيف نوفا يقسم الطعام إلى أربع مجموعات بناءا على درجة المعالجة التي خضع لها، و ذلك يتضمن كل أشكال المعالجة ميكانيكية كانت أم كميائية قبل أن يصبح الطعام صالحا للاستهلاك.
تصنيف نوفا للطعام
هذه هي المجموعات الأربعة في تصنيف نوفا.
المجموعة الأولى: الأطعمة الطبيعية و الخاضعة لمعالجة بسيطة
تضم هذه المجموعة الأطعمة التي نحصل عليها مباشرة من الطبيعة، كما الفواكه مثلا و البذور الصالحة للأكل و أيضا البيض و الحليب.
هناك أطعمة تندرج هي الأخرى في هذه المجموعة تحتاج إلى معالجة بسيطة قبل أن تصبح قابلة للاستهلاك، فالقمح يطحن ليصبح دقيقا و كذلك الذرة و القهوة، كما أن الحليب يبستر أي يسخن لدرجة حرارة 70 حتى نقضي على الجراثيم.
إن الهدف من هذه المعالجة البسيطة هو إطالة عمر الطعام، و جعله قابلا للاستهلاك و ذلك دون التأتير في مكوناته الاصلية.
المجموعة الثانية: مكونات الطبخ المعالجة
عندما نعتمد في طعامنا على المنتجات الطبيعية كالخضر و اللحوم فإنه يتوجب علينا طهيها و هذا لا يتأتى إلا باستخدام مكونات الطبخ المعالجة، و التي هي عبارة عن مواد تم الحصول عليها من أطعمة المجموعة الأولى بطرق تقليدية في الغالب، فزيت الزيتون تأتي من الزيتون بعد عصره، و الزبدة من الحليب بعد مخضه، و السكر من طحن قصب السكر أو الشمندر.
إن مكونات الطبخ المعالجة لا يمكن الاستغناء عنها، فهي التي تجعل طعامنا لذيذا و مستساغا.
المجموعة الثالتة: الأطعمة المعالجة
هذه المجموعة تضم عناصر من المجموعة الأولى أي الأغذية الطبيعية مع إضافة عنصر واحد أو أكثر من المجموعة الثانية، فمثلا الجبن هو مكون من الحليب و الملح، عصير الفاكهة نحضره من الفاكهة و السكر، الخبز أيضا مزيج من الدقيق و الملح و الماء و الخميرة ..كما هو ملاحظ فإن الاغذية المعالجة تضم القليل من المكونات.
إن معظم طعام الانسان منذ القدم ينتمي إلى هذه المجموعة، و الأغذية المعالجة سهلة التحضير يمكن أن نحضرها في المطبخ فقط.
المجموعة الرابعة: الأطعمة الفائقة المعالجة
هي في الحقيقة ليست طعاما بسيطا بل تركيبة من العناصر، بعضها مصنع في المختبرات و بعضها الأخر تم الحصول عليه من أطعمة المجموعة الأولى، ثم يخضع هذا الخليط لعمليات تصنيع معقدة، و تضاف إليه الكثير من المواد الحافظة و الملونات و محسنات النكهة حتى يصبح صالحا للاستهلاك.
إن الأطعمة الفائقة المعالجة هي التي نجدها في الواقع تكتسح رفوف المتاجر كالمشروبات الغازية، الحلويات السكرية، مرغرين، اليوغورت، المشروبات العالية الطاقة، الجبن و النقانق، البسكويتات و غيرها.
كيف يمكنك أن تعرف الأطعمة الفائقة المعالجة وسط الكم الهائل من المنتجات المعروضة في المتاجر؟
أحد أبرز مميزات المنتجات الفائقة المعالجة هو احتوائها على عدد كبير من المكونات يمكن أن نقسمها إلى قسمين:
مكونات من النادر أن تستخدم في المطبخ المنزلي أو لا تستخدم اطلاقا، منها أنواع من السكر كسكر الفريكتوز ،مشروب الذرة عالي الفريكتوز ،شراب مركز ،سكر محول، لاكتوز و أنواع من البروتين كبروتين الصويا معزول، الغلوتين ،الكازيين…
مضافات غذائية تستخدم حصريا في المنتجات الفائقة المعالجة توجد عادة في ذيل قائمة المكونات، تتضمن محسنات النكهة، و ملونات، و مواد حافظة .
لقد مكن تصنيف نوفا للطعام المستهلكين من التعرف على درجة المعالجة التي خضع لها الطعام لأن ذلك مرتبط ارتباطا وثيقا بصحة الانسان، فكلما كان الطعام طبيعيا أو خاضع لدرجة أدنى من المعالجة إلا و كان صحيا، منذ النصف الثاني من القرن العشرين و أعداد المصابين بالأمراض المزمنة و السمنة في ارتفاع، و تشير أصابع الاتهام إلى الأغذية الفائقة المعالجة كونها المسؤول الأول عن تدهور النظام الغذائي للإنسان، فما مدى خطورة الأطعمة الفائقة المعالجة.