You are currently viewing تقدير الذات حسن شعورك نحو ذاتك

تقدير الذات حسن شعورك نحو ذاتك

يقال لا يوجد حكم أهم و أخطر من حكمنا على أنفسنا، فتلك النظرة التي نرى بها ذاتنا تؤثر في طريقة تفكيرنا شعورنا و تصرفنا، فالذي يملك نظرة ايجابية عن ذاته يكون أقرب لتحقيق النجاح في الحياة الشخصية و العملية و يشعر بالرضا عن النفس، و في المقابل فالتقدير المتدني للذات يقلل من فرصك في النجاح و يبعدك عن السعادة، مما لاشك فيه أن صورتنا حول ذاتنا ساهمت في تشكلها عوامل متعددة كالتنشئة الاجتماعية، أراء الآخرين، الانجازات الشخصية، المظهر، بيد إنها قابلة للتحسين، ليس من تلقاء نفسها بل لابد أن تعمل من أجل ذلك، لأن مفتاح تغيير الشخصية يكمن في تغيير صورتها الذاتية، فالمعجزات تصنع من داخل المرء. هذه المقالة حول تقدير الذات و أهميته في حياتنا.

ماهو تقدير الذات؟

يعني تقدير الذات رأيك حول نفسك، كيف تشعر اتجاهها، كيف ترى قدراتك، إذا كان تقديرك لذاتك جيدا فمعنى هذا أنك سوف ترى نفسك جديرا بالاحترام و بتحقيق النجاح أما إذا كان العكس فستشعر دائما بعدم الكفاءة.

ما أهمية تقدير الذات؟

تكمن أهمية تقدير الذات في كونه يؤثر في كل مناحي حياتنا، في اتخاذ القرارات، في العلاقات الاجتماعية، في صحتنا النفسية و غير ذلك، فإذا لم يكن المرء يملك تقديرا جيدا لذاته فكيف سيتسنى له تخطي الصعوبات و مواجهة الأزمات.

فالذي يملك تقديرا جيدا لذاته يكون أداؤه أفضل لأنه يشعر بأنه جدير بالنجاح و الاستحقاق و بالتالي يكون أكثر إنتاجا و أسعد حالا ممن لديه تقدير متدن لذاته.

أيضا من المهم أن نذكر أن إحساس المرء بالدونية هو أحد أهم أسباب المشاكل النفسية، فالذي يرى نفسه أقل منزلة من الآخرين هو عرضة للإصابة بالاكتئاب و القلق و الرهاب الاجتماعي، كما أنه مرشح أكثر لتعاطي المخدرات و الكحول و تبني عادات سيئة.

كيف يعيش الشخص ذو التقييم المنخفض لذاته؟

الذي يملك تقديرا منخفضا لذاته يشعر بأنه أقل مرتبة من الآخرين و يلازمه شعور بالنقص و بقلة الكفاءة، و يعتقد بأنه شخص غير جدير بالاحترام أو الحب.

  • يشك في قدراته و يعتقد بأن الآخرين أفضل منه، مما يجعله يتوقع الفشل عند مواجهته لأي موقف جديد أو صعب.
  • المبالغة في نقد الذات فهو يركز فقط على أخطائه و يبخس انجازاته.
  • أي انتقاد يتعرض له من الآخرين فهو يستخدمه ليؤكد لنفسه على أنه شخص فاشل لا فائدة ترجى منه.
  • في حاجة دائمة إلى تأييد الآخرين لأن رأيه في نفسه مرتبط بما يقوله الآخرون عنه، لذلك فهو ينفق الكثير من الجهد و الوقت لينال استحسانهم رغبة في الحصول على تقييم ايجابي لذاته، بسبب ذلك فهو لا يستطيع وضع حدود شخصية في التعامل معه، و يجد صعوبة بالغة في رفض طلب الأخر.
  • عند مواجهته لمشكلة ما فهو يميل إلى الانطواء على نفسه و لا يفصح عن مشاكله أو يطلب مساعدة، بل يلجأ إلى انتقاد ذاته و تحميلها مسؤولية ما حدث.

أيضا بسبب عدم ثقته في نفسه فهو يجد صعوبة بالغة في اتخاذ القرارات، لأنه يعتقد أنه يفتقر للإمكانيات و القدرات اللازمة لاتخاذ القرار الصحيح.

بسبب كل ما ذكرنا فإن الشخص الذي يملك تقديرا متدنيا لذاته هو عرضة للإصابة بأمراض نفسية خطيرة كالاكتئاب، القلق، الرهاب الاجتماعي …

صفات الشخص الذي يملك تقديرا جيدا لذاته

  • يثق في نفسه و يؤمن بأنه يملك الإمكانيات و القدرات التي تمكنه من اتخاذ القرارات الحاسمة في حياته.
  • لا يحتقر ذاته، يعرف أن له نقاط قوة كما له نقاط ضعف و يسعى دائما لتحسين نفسه.
  • لا يبالغ في نقذ ذاته إذا ما أخطأ لأنه يؤمن بأن الإنسان خطاء بطبعه.
  • يشعر بأنه شخص مقبول في المجتمع و هذا ما يمكنه من إقامة علاقات اجتماعية جيدة مع الآخرين.
  • يمحص انتقادات الآخرين فإن كانت هدامة فإنه لا يكثرت لها.
  • يشعر بأنه شخص جدير بالاحترام و التقدير لذلك فهو على استعداد لقطع أي علاقة لا توفر له ذلك.
  • يضع حدودا في التعامل معه فهو لا يشعر بالأسف عند رفض طلب معين.
  • يعرف قدراته و يؤمن بأنه قادر على النجاح لذلك فهو يحسن من نفسه باستمرار ليكون أدائه أفضل.

مصادر تقدير الذات

هناك عوامل كثيرة متداخلة تؤثر في تقدير المرء لذاته إما إيجابا أو سلبا نذكر منها

التنشئة الاجتماعية

مما لاشك فيه أن الكثير من معالم شخصيتنا يتشكل في الصغر و من ذلك الصورة التي نحملها عن ذاتنا، و هناك مقولة شهيرة تظهر أهمية التربية تقول نولد أمراء ثم نتحول بالأسلوب المتبع في تربيتنا إلى ضفادع.

فالتربية إما تجعل الفرد يقدر ذاته و يثق في إمكانياته أم العكس.

فإذا كنت تعامل طفلك بخشونة و عنف معظم الوقت، و إذا كنت تركز على أخطائه و تهولها،  إذا كنت تسخر منه و تستهزئ به كلما صدر منه سلوك غير مقبول، فإن هذا الطفل سيكبر و هو يحمل تقديرا متدنيا لذاته، و في المقابل إذا تلقى الطفل معاملة جيدة و متوازنة فإن تقديره لذاته سوف يرتفع، و سينعكس ذلك إيجابا على كل مناحي حياته، في المدرسة،  مع أصدقائه،  في التعامل مع المشكلات التي تصادفه….

فإذا ما كنا نريد أفرادا ناجحين في المجتمع فلا بد أن نحرص على أن يمتلك أطفالنا تقديرا جيدا لذاتهم.

حتى نحقق ذلك لابد أن نشعر أطفالنا بالمحبة، أن نسمع و نصغي لأراهم و لا نسخر منها، أن نكلفهم بمهام لينجزوها، و لا ننسى أن نمدحهم إذا حققوا النجاح.

أراء الآخرين

مما لاشك فيه أن تقديرنا لذاتنا يتأثر بتقييمات الآخرين خصوصا إن كانوا أشخاصا مهمين في حياتنا، فنحن بطريقة أو بأخرى نرى أنفسنا على النحو الذي يرانا به الآخرون، فكم من شخص صدق نفسه بأنه غبي أو فاشل بسبب رأي أحد الأشخاص الذين يعتبرهم ذا أهمية في حياته، كوالديه أو أستاذته، و بسبب ذلك التصريح أصبح تقديره لذاته في الحضيض رغم أنه في واقع الأمر لا يمكن الاعتماد على أراء الناس في الحكم على أنفسنا لأنها عبارة عن أحكام نسبية تتغير باستمرار، فقد يراك البعض ذكيا فيما قد يراك آخرون غبيا.

الصوت الداخلي

هو ذلك الصوت الذي ينبع من أعماقنا و يؤثر فينا أكثر من أي شيء أخر، أحيانا قد يمنحك الثقة في نفسك كان يهمس إليك قائلا

  • أنت قوي بما فيه الكفاية لمواجهة الأمر
  • سوف تنجح لا محالة

و أحيانا أخرى يأتيك في صورة أفكار سلبية تحبط همتك كأن يقول لك كم أنت غبي

أنت شخص لا يعول عليك أتذكر يوم فعلت كذا و كذا، و هكذا يستمر في تذكيرك بأخطائك

يرافقنا الصوت الداخلي طوال حياتنا، اكتشف العلماء أن تدفق الكلمات في حديث النفس يصل ل 4000 كلمة في الدقيقة، فإذا ما كانت معظم هذه الكلمات تحمل طابعا سلبيا فمما لا شك فيه أن تقديرنا لذاتنا سوف يتدنى لا محالة.

الانجازات

كلما حققنا انجازات أكثر كلما ازداد تقديرنا لذاتنا حتى و إن تعلق الأمر بمجرد انجازات بسيطة، فعندما تقوم بعمل ما و تنال استحسان الآخرين فسوف تشعر بالسعادة و الرضا عن النفس، و هذا سيعزز من تقديرك لذاتك.

المظهر

بعض الناس يملكون تقديرا منخفضا لذاتهم بسبب شكلهم، فقد يشعر الشخص القصير مثلا أو الذميم أو من يعاني من إعاقة جسدية بالنقص، و لكن هذه الأمور لا يمكنك تغييرها لذلك ما من حل سوى قبولها كما هي، و تذكر أن الكثير ممن يعانون من إكراهات جسدية حققوا انجازات باهرة يحسدها عليهم الأشخاص السليمون المعافون، فستيفن هوكينغ أشهر علماء الفيزياء و علم الكون في العالم كان قعيد كرسي متحرك، بيتهوفن أشهر موسيقي في العالم كان أصما، نابليون بونابرت كان رجلا قصيرا، هيلين كيلر الأديبة الأمريكية الشهيرة كانت تعاني من إعاقة سمعية بصرية و مع ذلك كانت تقول في ظل هذه النعم التي وهبني الله إياها ليس لدي وقت لأفكر فيما حرمت منه، فلا تجعل ما لا يمكنك تغيره يمنعك عما يمكنك فعله.

كيف تحسن من تقديرك لذاتك؟

الكثير منا بسبب إخفاقات الماضي و التنشئة الاجتماعية السيئة و تقييمات الآخرين السلبية أصبحوا ألذ أعداء أنفسهم، فكيف يمكن للمرء أن يمتلك تقديرا ايجابيا لذاته إذا كان لا يتوقف عن شن حرب عليها كل يوم، هذه بعض النصائح الذهبية التي من شانها أن تحسن من تقييمك لذاتك

احرص على أن تحدث نفسك حديثا ايجابيا، حاول التحكم في تدفق أفكارك، فبدلا من أن تقول لنفسك أنا فاشل أنا جبان ردد العكس هذا سوف يجعل عقلك الباطن يقبل تلك الأقوال على أنها حقيقة و تتصرف على نحو ايجابي، إذ يقال إن حديث الذات يصير نبؤة محققة.

اكتب كل النجاحات و الانجازات التي حققتها، و كل التقدير و الثناء الذي تلقيته من الناس، و كلما أحسست باهتزاز في ثقتك بنفسك فلا تتوانى عن تذكير نفسك بها.

لا تبني تقديرك لذاتك على أراء الآخرين فقط، لأن ما يخبرك به الآخرون ليس هو الحقيقة دائما، لذلك حتى تكون صادقا مع نفسك يجب أن تضع تقويما دقيقا لذاتك، ضع جدولا و اكتب فيه نقاط قوتك و كيف يمكن استغلالها و نقاط ضعفك و كيف يمكنك التغلب عليها.  

توقف عن الجلد المفرط للذات كلما ارتكبت خطأ فذلك يقلل من تقديرك لذاتك تصور لو أن نفس الخطأ ارتكبه شخص أخر عزيز عليك افلن تسامحه إذن عامل نفسك بالمثل.

من اجل تقدير جيد للذات لابد أن تعمل على تطوير نفسك، و ذلك بالاهتمام بالجوانب الأربعة التالية

الجانب العقلي تعلم باستمرار أشياء جديدة لا تتوقف عن التعلم طيلة حياتك فكل ما تعرفه ما هو إلا قطرة من بحر المعرفة. التعلم مدى الحياة يعزز من فهمك للعالم و يحقق لك الرضا الشخصي.

الجانب البدني مارس الرياضة بانتظام لتكتسب جسما صحيا فذلك سيعزز ثقتك بنفسك.

الجانب الاجتماعي أقم علاقات اجتماعية طيبة مع الآخرين، أحط نفسك برفقة جيدة.لأن الانسان دائما في حاجة الى الشعور بالحب و الانتماء.

الجانب الروحي قوي علاقتك مع الله تعالى فبدون علاقة وطيدة مع الخالق فلن تنعم  بالطمأنينة و السكينة في حياتك مهما امتلكت من الأشياء.

هذه الأركان الأربعة هي التي تجعل منك شخصا متزنا، و سوف تشعر بأن تقديرك لذاتك يزداد يوما بعد يوم لو التزمت بها في  حياتك.

المصادر

رانجيت سينج مالهي. روبرت دبليو ريزنر. تعزيز تقدير الذات. مكتبة جرير. 2005

Abib Olamitoye. love yourself pay yourself first. Nigeria. 2013

اترك تعليقاً