You are currently viewing جهاز التتبع بواسطة الأقمار الاصطناعية للحيوانات

جهاز التتبع بواسطة الأقمار الاصطناعية للحيوانات

 ما يزال الإنسان يجهل الكثير عن الكائنات الحية التي تعيش في البحار و المحيطات، و السبب في ذلك أنه لم يكن لدى الإنسان إلى زمن قريب وسائل فعالة للتعرف على حياة تلك الكائنات، عن أنواع غذائها أماكن هجرتها و تكاثرها و مما يجعل الأمر بالغ التعقيد شساعة المحيطات التي تشكل% 70 من مساحة كوكبنا، يحاول العلماء اليوم ابتكار وسائل تقنية متطورة للتعرف على حياة الكائنات البحرية، و من بين ما تم التوصل إليه هو جهاز التتبع بواسطة الأقمار الاصطناعية، كيف يعمل هذا الجهاز؟ و ماهي المعلومات التي يقدمها للعلماء؟

الهدف من دراسة الكائنات البحرية

أول سؤال يتبادر إلى ذهن الكثيرين هو لماذا تبذل جهود كبيرة و تصرف أموال طائلة للتعرف على حياة هذه  الكائنات الحية؟ ما الفائدة المرجوة من وراء ذلك؟

نحن البشر نعتمد بشكل كبير على موارد البحار و المحيطات، سواء في الغداء أو الحصول على المعادن و غير ذلك، و لكي نقوم باستغلال هذه الموارد بشكل مستدام بحيث لا نعتدي على حق الأجيال المقبلة لا بد من فهم مكونات البحار و المحيطات  فهما جيدا، و للأسف الشديد تسبب الجهل بهذه الحقائق في جعل الكثير من الكائنات البحرية على شفا حفرة من الانقراض.

إن انقراض الأنواع سيقود إلى اختلال المنظومة البيئية ككل، و هذا سينعكس علينا حتما، فقد لا يقدم نوع معين فائدة مباشرة للبشر و لكن يوجد نوع أخر نحن نعتمد عليه في غدائنا يعتمد هو في غدائه على ذلك النوع، فإذا انقرض الأول فحتما سوف يكون انقراض الثاني مسألة وقت لا أكثر.

لكي نحمي نوعا معينا فلابد أن تكون لدينا معرفة وافية بنمط حياته بشكل عام، فالجهل هو الذي يقود للتدمير و الإتلاف، فلو أن الإنسان كان يعرف أن السلاحف البحرية تأتي لتضع بيضها في أماكن ساحلية محددة من العالم، لكان من الممكن عدم السماح بإقامة أي نشاط بشري في تلك السواحل، لقد تسبب الجهل أيضا في حوادث مأساوية ذهب ضحيتها البشر أنفسهم، فمثلا لم يكن أحد يعرف سبب تزايد هجمات أسماك القرش على البشر حتى تبين فيما بعد أن الصيد المفرط في أعالي البحار قلل من الغداء المتوفر لأسماك القرش، فبدأت هذه الأخيرة تغامر صوب الشواطئ و تهاجم البشر بالخطأ.

ما هو جهاز التتبع بواسطة الأقمار الاصطناعية؟  و كيف يعمل؟

جهاز التتبع بواسطة الأقمار الاصطناعية هو عبارة عن جهاز صغير الحجم، يتم تثبيته على جسم الكائن الحي، و هو خفيف جدا بحيث أنه لا يشكل مثلا سوى % 1 من وزن السلحفاة البحرية، و يثبت بطريقة تجعله لا يعرقل حركة الحيوان، بحيث يمكن لهذا الأخير أن يعيش حياته بشكل طبيعي.

عندما يكون الكائن الحي داخل البحر، يقوم هذا الجهاز بتسجيل الكثير من المعلومات كدرجة الحرارة، العمق، السرعة، ثم عندما يصعد هذا الحيوان إلى سطح البحر فإن هذه المعلومات ترسل بواسطة هوائي صغير يوجد في الجهاز إلى القمر الاصطناعي، و الذي بدوره يقوم بإرسال هذه المعلومات إلى حواسيب العلماء في مختلف أنحاء العالم، و بذلك يكون في مقدور العلماء معرفة الكثير عن حياة هذا الكائن، و أيضا المسارات التي يسلكها  بدقة، إذ يعمل بنفس مبدأ عمل نظام تحديد المواقع العالمي GPS.

جهاز ينافس الطرق التقليدية

كانت الطريقة الوحيدة التي لطالما اعتمد عليها العلماء و لا يزالون في تحديد تحركات كائن بحري ما هو وضع خاتم في جسم هذا الكائن، و عادة تستخدم هذه الطريقة كثيرا مع السلاحف البحرية، حيث يقوم العلماء بتثبيت قطعة إما معدنية أو بلاستيكية في أحد زعانف السلحفاة بإحكام، و قد كتب في هذه القطعة معلومات حول مكان و زمان وضعها، كما تحتوي على رقم معين، فإذا ما وجد شخص هذه السلحفاة، فإنه يقوم بإرسال ذلك الرقم إلى أحد المواقع الالكترونية المتخصصة في هذا المجال، و بذلك يعرف العلماء أين توجد تلك السلحفاة.     

 هذه الطريقة لا تمكن العلماء من معرفة مسار الهجرة الحيوان بدقة، و لا تزود العلماء بالكثير من المعلومات التي هم في أمس الحاجة إليها، لتكوين معرفة تامة حول ذلك الحيوان.و هذا ما يجعل جهاز التتبع بواسطة الأقمار الاصطناعية أكثر فعالية في هذا المجال، و عادة ما يبقى هذا الجهاز مثبتا في جسم الحيوان ل6 سنوات على أبعد تقدير.   

 اكتشافات العلماء بفضل هذا الجهاز    

 من الأمور المثيرة التي اكتشفها الإنسان باستخدامه لهذا الجهاز، أن الحيوانات البحرية لا تتجول بشكل عشوائي في المحيط الواسع، بل هي تتخذ مسارات محددة بدقة، و هذا أمر محير حقا، إذ يظهر أن هذه الحيوانات تعرف جيدا أين توجد وسط المحيط، و تعرف ايضا أين يجب عليها أن تتجه، و هو شيء لا يمكن للإنسان القيام به دون استخدام وسائل تقنية معينة.            

  لقد مكن استخدام جهاز التتبع بواسطة الأقمار الاصطناعية، من الحصول على معلومات قيمة مكنتنا من الوصول إلى فهم أفضل للكائنات البحرية، و تلك تمثل الخطوة الأولى في مسيرة المحافظة عليها.    

المصادر

   www.whaleNet.org                                                           

اترك تعليقاً