لا يمكنك ان تتجول في مدن باكستان دون أن تصادف سيارات إسعاف عبد الستار ايدهي و هي تصول و تجول في الشوارع تنقل المرضى و الجرحى الى المستشفيات بالمجان و لا عجب في ذلك فالرجل يملك اكبر اسطول سيارات إسعاف في العالم قوامه 1200 سيارة تعمل بكفاءة عالية بحيث أنها تصل إلى موقع الحادث قبل سيارات إسعاف الدولة بوقت طويل.
طفولة عبد الستار ايدهي الصعبة
عبد الستار ايديهي هو اب الفقراء في الباكستان. رجل نذر حياته لخدمة الاخرين بغض النظر عن انتمائهم الديني او العرقي. و دون أن يبتغي من وراء ذلك شهرة أو منصبا، نشاطه الخيري تجاوز حدود باكستان ليشمل دولا اخرى من اسيا.
يقال إن اسهل امتحان في الوجود هو ذاك الذي لم تدخل قاعته قط. لذلك لا يحس بمعاناة الفقير الا من تجرع مرارة القفر. و ذاق الوان الحرمان. فعبد الستار ايدهي ترعرع في أسرة فقيرة معدومة. ثم ساءت أموره اكثر عندما اصيبت امه بالشلل. فأنفق عبد الستار كل جهده و وقته في رعايتها. حتى أنه اضطر الى مغادرة المدرسة و بقي كذلك إلى ان انتقلت إلى دار البقاء و عمره 19 سنة .
لقد عانى عبد الستار اشد المعاناة بسبب مرض والدته. خصوصا عندما كان يضطر لنقلها إلى المستشفى في غياب شبه تام لسيارات الاسعاف لذلك كان كلما رأى الناس ينتظرون سيارات الاسعاف التي قد تاتي أو قد لا تاتي إلا و تحيا تلك المعاناة في ذاكرته. فقرر أن يفعل شيئا ازاء الامر، قرر أن يوفر سيارات إسعاف بالمجان لينقد أرواح الناس. بيد أن ذلك كان يحتاج للدعم المالي فمن أين سياتي بالمال و هو رجل فقير؟
لقد اضطر عبد الستار للتسول من أجل ذلك. ثم اشتغل كبائع ملابس متجول في كراتشي .و شيئا فشيئا استطاع توفير مبلغ مالي مكنه من شراء سيارة اتخدها سيارة الاسعاف الاولى. كان يقودها بنفسه في شوارع المدينة ناقلا على متنها المرضى الى المستشفيات.
توسع نشاطه الخيري
و بعدما اطلع الناس على حسن نواياه بدأت التبرعات المالية تنهال عليه حتى استطاع انشاء مستوصف متكامل و في هذا المستوصف سيلتقي بالممرضة بلقيس التي ستصبح زوجته فيما بعد فشكلا معا زوجين رائعين يتشاركان الاهداف نفسها و هي مساعدة الاخرين و خدمة الانسانية و مع توالي الدعم المالي توسع نشاطه الخيري فانشأ دار للولادة، ملاجئء للأيتام، ملاجيء للنساء، مستوصفات طبية، فلا عجب بعد ذلك ان يسمى الرجل بملك الإنسانية و اب الفقراء في باكستان و مما يثير الاعجاب حقا في شخصية عبد الستار ايديهي انه ظل يعيش حياة بسيطة للغاية فقد رحل من الدنيا سنة 2016 و كل ما يملكه هو شقة صغيرة في احد احياء كراتشي .
زهده في الدنيا و مسارعته في الخيرات هو ما جعل منه الشخصية التي تلقى فائق الاحترام و التقدير في الباكستان، أضف الى ذلك عدم سعيه للشهرة ففي لقاء مع صحافي في لاهور سنة 1991 قال ايديهي إنني اطلب من الناس دائما ان لا يستدعونني لأي برامج تلفزية أو ندوات لأنني أريد أن استغل وقتي في خدمة الناس فما زال أمامي الكثير لأنجزه.
لقد غادر عبد الستار ايديهي هذه الحياة سنة 2016 لكنه ظل حيا بين الناس، عبد الستار ايديهي مثال للتضحية و نكران الذات و يقدم درسا للجميع مفاده أنه بدلا من انتظار المبادرة من المسؤولين فلماذا لا نبادر نحن لإصلاح ما يمكن اصلاحه فأن تضيء شمعة صغيرة خير لك من أن تنفق عمرك تلعن الظلام