You are currently viewing لماذا نقرأ؟

لماذا نقرأ؟

قد تبدو قراءة الكتب أمرا عسيرا على الكثيرين بدعوى ضيق الوقت أو الاحساس بالملل عند قراءتها فيفضلون مشاهدة الفيديوهات القصيرة أو الاكتفاء بالمعلومات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للمعرفة، و ان كنت واحدا من هؤلاء فأنت بلا شك تفوت على نفسك الكثير من المنافع التي تقدمها الكتب، في هذه المقالة بعنوان لماذا نقرأ سوف نستعرض بعض فوائد القراءة لتتحمس لها أكثر و تجعل لها نصيبا من وقتك.

نقرأ لنزداد معرفة

أكبر منفعة تقدمها قراءة الكتب هي المعرفة، فالكتب توفر كما هائلا من المعارف و المعلومات بشكل أكثر دقة و عمقا من تلك التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي، لأن معظم الكتاب هم متخصصون في مجال كتابتهم و بالتالي فهم سيزودون القارئ بمعرفة أكبر.

حقا قد تتضمن بعض المحتويات في وسائل التواصل الاجتماعي معرفة جيدة و مفيدة لكنها غالبا ما تكون مختصرة فلا تجعل المرء ملما بالموضوع من جميع جوانبه، لذلك رغم أن ظهور الكتب يعود للعصور القديمة فلا تزال هي مصدر المعرفة الأول الى يومنا هذا.

و كلما اكتسب المرء معرفة أكثر كلما أصبح اكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة.

أفضل تدريب للدماغ

يقال إن قدرة الدماغ على العطاء تعتمد على مدى استخدامه، إن المطالعة هي أفضل تدريب للدماغ و هي تعمل عمل الرياضة للجسم، فكما أن الرياضة تحافظ على صحة الجسد و إن تقدم صاحبه في السن فإن النشاط الذهني الذي تثيره المطالعة يجعل الدماغ نشطا على الدوام، و هذا قد يحميه من أمراض مرتبطة بالشيخوخة كالزهايمر و الخرف.

فعند قراءة الكتب فإن مناطق كثيرة في الدماغ تعمل في أن واحد، فأنت تحتاج أولا إلى فك رموز الكتابة ثم فهمها فيعمل الجزء المخصص لذلك في الدماغ، و عليك أن تتذكر الاحداث و الشخصيات فتعمل الذاكرة، كما يتوجب عليك ادراك و تحليل المعلومات فينشط الفص الجبهي المسؤول عن ذلك ثم  لا بد أن تطلق العنان لخيالك أيضا لتتصور موضوع الكتاب فتعمل خلايا كثيرة في الدماغ من أجل ذلك.

يمتلك دماغنا قدرات هائلة و يسعى دائما إلى اكتساب و تعلم اشياء جديدة و إذا لم تستخدمه فسيفقد الكثير من قدراته و خير وسيلة لاستخدامه هي القراءة.

لماذا نقرأ؟ لنتعلم التركيز

أحد مفاتيح النجاح هو التركيز، فكما أن العدسة المكبرة في استطاعتها حرق كومة من الورق لأنها تركز كل الأشعة التي تخترقها فإن حصر انتباهك و قواك العقلية في فكرة واحدة سوف يعيطك نتائج باهرة. فكيف إذن يمكننا أن نربي ملكة التركيز؟

أفضل الطرق هي المطالعة، فأنت عندما تقرأ كتابا فإنك تسلط كل انتباهك في ما تقرأه و بالممارسة سيصبح في مقدورك التركيز في أمور كثيرة في الحياة و سوف تحصل على أفضل النتائج.

القاعدة تقول إذا أردت أن تنجح فتعلم التركيز و إذا أردت التركيز فقرأ أكثر.

القراءة تنشط الخيال

القراءة أفضل الطرق لتتمتع بمخيلة خصبة، إن التلفزيون أو الفيديوهات تمنحك الصوت و الصورة و كل ما عليك فعله هو أن ترى و تسمع و لست في حاجة لكي تستخدم خيالك كثيرا أما عندما تقرأ كتابا فالأمر يختلف تماما، إذ ستقوم بشكل لا إرادي بتخيل الأحداث و ترسم ملامح للشخصيات و انت تملك مطلق الحرية في ذلك فمثلا إن كنت تقرأ كتابا عن مكان ما لم تزره فسترسم صورة له في ذهنك بفضل مخيلتك، و هكذا بفضل القراءة لن يصبح خيالك محدودا.

و ما الفائدة في أن نملك خيالا خصبا؟ أحد ثمار ذلك هو اكتساب قدرة فائقة على التعلم و التذكر، فأكثر الناس قابلية لتعلم مهارات جديدة هم الذين يستخدمون مخيلتهم بكفاءة أكبر لأن ذلك سيمكنهم من تذكر ما يتعلمون بسهولة، يؤكد خبراء التعليم أن استخدام الخيال أفضل الطرق لترسيخ المعارف، فإذا قرأت شيئا ما فحاول أن تتخيله، أخلق صورة له و بذلك ستتذكره بسهولة.و هذه التقنية سوف تكتسبها بفضل القراءة.

اكتساب التجربة

نحن دائما في حاجة إلى الخبرة و التجربة لكي نواجه تحديات الحياة، لكن ليس من الضروري خوض غمار التجربة حتى نستفيد من دروسها، فالكتب تتضمن تجارب أناس من مختلف الامم و العصور فكل ما فعلته البشرية أو فكرت فيه يرقد بين صفحات الكتب، أما إذا اكتفيت بتجربتك فتجربة الواحد منا لا تتعدى بضع سنين.

يقول عباس محمود العقاد:

أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا و حياة واحدة لا تكفيني و لا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة، و القراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة واحدة في مدى عمر الانسان الواحد لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق و إن كانت لا تطيلها بمقادير الحساب….مهما يأكل الانسان فإنه لن يأكل بأكثر من معدة واحدة، و مهما يلبس فإنه لن يلبس على غير جسد واحد، و مهما يتنقل في البلاد فإنه لن يستطيع أن يحل في مكانين، و لكنه بزاد الفكر و الشعور و الخيال يستطيع أن يجمع الحيوات في عمر واحد و يستطيع أن يضاعف فكره و شعوره.

تجربتك في الحياة لا تغني أبدا عن قراءة الكتب مهما بدت في نظرك واسعة.

وسيلتك لتصبح شخصا مثقفا

الشخص المثقف هو الذي لديه إلمام بمعارف شتى و ليس فقط في مجال تخصصه، قراءة الكتب بوابتك لولوج عالم الثقافة لأنها ستمكنك من  تكوين رصيد معرفي في مجالات متنوعة، في الادب و العلوم و التاريخ و علوم الاديان و غيرها، و سيصبح في استطاعتك أن تدلي بدلوك في أي مجال كان، أما الشخص الذي يقرأ فقط في مجال تخصصه لكنه يجهل جهلا تاما ما سواه فهو لا يمكن أن يوصف بالمثقف.

لماذا نقرأ؟ لنصبح أكثر تعاطفا

هذه الحقيقة يؤكدها الواقع فالذين يقرؤون هم أكثر الناس تعاطفا مع الاخرين، و أكثرهم تسامحا، فبالقراءة يصبح المرء أكثر فهما لطباع البشر و بذلك يكون قادرا أن يضع نفسه موضع الاخرين فيتفهم حالهم و مشاعرهم، و يشعر بما يشعرون به فيتعاطف معهم، و التعاطف هو خير وسيلة لخلق الحب و الوئام بين الناس.

القراءة تبعدك عن الفقر

ترتبط القراءة بالتقدم و الازدهار فإنك من النادر أن تجد شخصا متعلما و قارئا فقير أو دولة شعبها متعلم و فقيرة فالفقر دائما مرتبط بالجهل.

فبفضل القراءة تتعلم معارف و مهارات جديدة فتكون أقرب لتحقيق النجاح في حياتك المهنية من غيرك.

مواقف لعشاق القراءة

يذكر التاريخ قصصا لأناس شغفوا بالكتب غاية الشغف حتى أن بعضهم فضلها على الأصحاب ينشد أحمد شوقي قائلا:

أنا من بدل بالكتب الصحابا

 لم أجد لي وافيا إلا الكتابا

و انشد اخر يقول بعدما عرف بقيمة الكتب:

هذا كتاب لو يباع بوزنه

ذهبا لكان البائع مغبونا

أو من الخسران أنك أخذ

ذهبا و تترك جوهرا مكنونا

و قيل لأحدهم: ألا تستوحش فقال أ ويستوحش من معه الأنس كله قيل: و ما الأنس كله قال الكتاب.

و يذكر أن رجلا أعار صاحبه كتابا فضاع منه فجاءه يترجاه قائلا:

يا مالكا ما تزال راحته

تعطي المعالي و تبسط النعما

هب لمقر بالذنب معترف

بواسع العفو منك ما إجترما

إعظامك العلم إذ فجعت به

يزيد عندي خطيئتي عظما

فأجابه صاحب الكتاب قائلا:

أيها المستعير مني كتابا

إن رددت الكتاب كان صوابا

أنت و الله إن رددت كتابا

كنت أعطيته أخذت كتابا.

المصادر

ساجد العبدلي. كيف تجعل القراءة جزءا من حياتك. دار مدارك للنشر. 2011

رجب البنا و طائفة من المفكرين. لماذا نقرا .دار المعارف مصر.

اترك تعليقاً