You are currently viewing ماء زمزم . طعام طعم و شفاء سقم

ماء زمزم . طعام طعم و شفاء سقم

في بقعة قاحلة من صحراء شبه الجزيرة العربية، و غير بعيد عن الكعبة المشرفة، ينبع ماء زمزم، سيد مياه الدنيا و خيرها، الماء المبارك الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه و سلم: إنه طعام طعم و شفاء سقم،  منذ أن نبع بين يدي إسماعيل عليه السلام و إلى الآن و الناس يرون ظمأهم من هذا الماء ذي الخصائص العجيبة، و يحملون منه لأسرهم في البلدان البعيدة، دون أن ينقطع عنهم في يوم من الأيام، فهو باق ما بقيت الدنيا، هذه قصة ماء زمزم أفضل مياه الدنيا و خصائصه التي حيرت العلماء.

أين يوجد زمزم و متى ظهر؟

يوجد ماء زمزم على بعد 21 متر تقريبا من الكعبة المشرفة، و ينبع من بئر يصل عمقها ل 30 مترا، أما عن زمن ظهوره ، فإن إبراهيم عليه السلام خرج بهاجر و ابنهما إسماعيل من فلسطين صوب شبه الجزيرة العربية ، بأمر من الله تعالى، حتى وصلوا إلى المكان الذي فيه الكعبة المشرفة اليوم، و كان أن ذاك أرضا قاحلة غير مأهولة، فترك لهما إبراهيم عليه السلام جرابا من الثمر و سقيا ماء، ثم انطلق عائدا إلى فلسطين ، فتبعته هاجر تقول: أين تذهب و تتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه انس و لا شيء، قالت ذلك مرارا و جعل لا يلتفت إليها، فقالت له الله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لن يضيعنا.

فانطلق إبراهيم حتى بلغ جبلا لا يرونه فدعا الله بهذا الدعاء:

رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ

فلما نفذ الماء و الطعام الذي مع هاجر ، أخذت تسعى بين جبلين هما الصفا و المروة، لعلها ترى قافلة فتنقذهم من الهلاك، و في المرة السابعة وجدت إسماعيل عليه السلام ينبش الأرض ، و الماء يتدفق بين يديه، فكان ذلك هو ماء زمزم، و بفضل ظهور هذا الماء أصبحت الحياة ممكنة في هذه البقعة القاحلة من الجزيرة العربية، فاستوطن المنطقة قبيلة تدعى جرهم قادمة من اليمن، بإذن من هاجر و ظهرت مكة المكرمة.

إذن إذا أردنا تحديد عمر ماء زمزم ، فهو تقريبا 5000 سنة، و الغريب أنه لم ينقطع في يوم من الأيام، رغم أنه يستهلك بشكل يومي.

ماء زمزم

شرف ماء زمزم

مما يدل على شرف ماء زمزم ، أن الملك جبريل عليه السلام ملك الوحي هو الذي أظهره بأمر من الله تعالى، إذ ضرب جبريل الأرض بجناحيه ، فخرج ماء زمزم بين يدي إسماعيل عليه السلام، و أين حدث ذلك؟ في أفضل بقعة على وجه الأرض، و هي بيت الله الحرام، و هذا دلالة على سمو مكانة هذا الماء ، و علو شأنه.

وفي حادثة شق الصدر، التي حصلت للرسول صلى الله عليه و سلم في صغره فقد قام الملك جبريل عليه السلام بإخراج قلب الرسول عليه السلام، ثم غسله بماء زمزم حتى يخرج منه حظ الشيطان، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً،

فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ يَعْنِي ظِئْرَهُ أي مرضعته حليمة السعدية  فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ أي متغير اللون، قَالَ أَنَسٌ: وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَط فِي صَدْرِهِ

و لذلك لما غسل جبريل قلب الرسول عليه السلام بماء زمزم، اشرف المياه على الأرض، كان قلبه عليه السلام أزكى القلوب ، و اتقاها و أخيرها.

و لسمو مكانة ماء زمزم، فإنه يحمل أكثر من اسم، فقد أحصي له 60 اسما، فهو بركة و مباركة، بشرى، حرمية نسبة للحرم، شفاء سقم، الشباعة، طيبة …..

زمزم طعام و شراب

قال الرسول صلى الله عليه و سلم  ” خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم إنها مباركة إنها طعام طعم و شفاء سقم ”

فماء زمزم يروي الظمأ و يذهب الجوع، فقد كان لهاجر و ابنها إسماعيل عليه السلام طعاما و شرابا في الآن ذاته، و بقيا يعتمدان عليه حتى جاءت قبيلة جرهم ، و استقرت في المكان، فكما قال الرسول عليه السلام “ماء زمزم لما شرب له” فإن شربته بنية الشبع أشبعك الله.

و في قصة إسلام أبي ذر الغفاري دليل على هذه الخاصية الفريدة، إذ لما سمع أبي ذر الغفاري بالرسول محمد صلى الله عليه و سلم ، و بدين الإسلام و تعاليمه، ذهب إلى مكة ليقابل الرسول عليه السلام، فمكث هناك قرابة شهر ، لا يتناول طعاما سوى ماء زمزم، فسمن حتى تدلى بطنه، يحكي أبو ذر الغفاري عن ذلك قائلا:

جاء الرسول عليه السلام، استلم الحجر و طاف بالبيت هو و صاحبه، ثم صلى فلما قضى صلاته قال أبو ذر الغفاري:

– السلام عليك يا رسول الله

– قال: و عليك السلام و رحمة الله ثم قال: من أنت

– قلت: من غفار

– قال: متى كنت ههنا

– قلت: قد كنت ههنا منذ ثلاثين بين ليلة و يوم.

قال عليه السلام: فمن كان يطعمك

قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم ، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني أي تدلى اللحم من السمن و ما أجد على كبدي سخفة جوع

فقال عليه الصلاة و السلام: إنها مباركة إنها طعام طعم، أي تقوم مقام الطعام و تشبع شاربها.

و ذكر ابن القيم رحمه الله أنه شاهد من يكتفي بماء زمزم دون شيء أخر من الطعام، الأيام الكثيرة القريبة من نصف شهر و لا يجد جوعا، و يطوف مع الناس كأحدهم.

ماء زمزم شفاء من الأمراض

لقد قال الرسول عليه السلام:  “خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، إنها مباركة، إنها طعام طعم و شفاء سقم” فالذين تشافوا بشرب ماء زمزم لا يحصيهم العد، فالكثير من الناس شربوه بنية الشفاء من مرض معين فشفاهم الله، فهو تعالى الشافي، لا شفاء إلا شفاؤه، حتى قال الإمام القزويني: لو جمع جميع من داواه الأطباء، لا يكون شطرا ممن عافاه الله تعالى بشرب ماء زمزم.

خصائص ماء زمزم

لو فحصنا ماء زمزم و قارناه بالماء العادي أو أي ماء معدني أخر، فسنجد اختلافا واضحا، فماء زمزم يحتوي على نسبة عالية من المعادن كالكالسيوم، الصوديوم، المغنزيوم،  البوتاسيوم، الفلوريد.

هناك بعض المعادن السامة ، التي إذا تواجدت في الماء بنسب كبيرة فإنه يصبح غير صالح للشرب، نذكر منها الرصاص، الزئبق، هذه العناصر كلها توجد بنسبة ضئيلة جدا في ماء زمزم كشأن الماء العادي.

نذكر هنا بعض وظائف العناصر المعدنية المتواجدة بنسب عالية في ماء زمزم.

المغنزيوم: يبني خلايا العظام، يحمي العظام من الهشاشة، يساعد على عمل القلب بشكل صحيح، يساعد هرمون الأنسولين على العمل بشكل جيد مما يقلل من الإصابة بمرض السكري، يوجد في الحبوب و الافوكادو، المكسرات.

الصوديوم و البوتاسيوم: يعملان معا و إذا نقصا في الجسم تكون الأعراض كالتالي: الإنهاك المستمر و الشعور بالغثيان…

الكالسيوم: مشهور بدوره في بناء عظام قوية، يحتاج القلب و الأعصاب إليه ليعملا بكفاءة.

الفلوريد: يساعد على منع تسوس الأسنان.

ماء طاهر و نقي

و من خصائص ماء زمزم أيضا أنه نظيف دوما، إذ لا تنمو في بئره أي نباتات مجهرية،و لا تتكاثر فيه بكتيريا، على عكس ما يحدث مع معظم الآبار الأخرى، فهو على هذا الأساس نقي و صافي، ليس في حاجة إلى أي نوع من أنواع المعالجة، لذلك ظل طعم هذا الماء و لونه و كل خصائصه الكيميائية ثابتة، لم يصبها أي تغيير رغم مضي الآلاف السنين على ظهوره.

ماء زمزم هو سقيا من الله لعباده المؤمنين، فاحرص عند شربه أن تستحضر نية معينة، فكما قال الرسول عليه السلام “ماء زمزم لما شرب له”، فكان الصحابة و من جاء من بعدهم حريصين كل الحرص عند شرب ماء زمزم على استحضار نوايا عديدة فنالوها بفضل الله، فمن شرب ماء زمزم بنية الشبع أشبعه الله، و من شربه لري رواه الله، و من شربه لضيق صدر شرحه الله، و من شربه لحاجة قضاها الله، و من شربه لكربة كشفها الله، و من شربه لنصرة نصره الله.

المصادر

سائد بكداش . فضائل ماء زمزم و ذكر تاريخه و اسمائه و خصائصه . دار البشائر الاسلامية

.Nauman Khalid . Asfi Ahmad . sumera Khalid . Anwar Ahmad . Muhammad irfan .Mineral composition and Health functionality of zamzam water International journal of Food properties

اترك تعليقاً