لن يتطلب منك الأمر كبيرعناء لكي تعثر عليها، فهي تشغل رفوف المتاجر كبيرها و صغيرها و في المطاعم و في منزلك أيضا، فالأطعمة الفائقة المعالجة حلت محل الكثير من الأطعمة التقليدية، و صارت جزءا من نظامنا الغذائي، لقد خلصت دراسات كثيرة إلى وجود ارتباط وثيق بين استهلاك هذه الأطعمة و الاصابة بالأمراض الغير المعدية و التي نقصد بها أمراض القلب و السكري، و السرطان و غيرها، فما مدى خطورة هذه الأطعمة؟
ماهي الأطعمة الفائقة المعالجة؟
لم يكن مصطلح الأطعمة الفائقة المعالجة متداولا حتى سنة 2009 بعد أن وضع علماء و باحثون برازيليون تصنيف نوفا للطعام و الذي يقسم الطعام بموجبه إلى أربع مجموعات، حسب درجة المعالجة التي خضع لها، و تأتي الأطعمة الفائقة المعالجة في المجموعة الرابعة، و تتضمن مثلا: الحلويات، البسكويتات، المشروبات الغازية، ألواح الشوكولا النقانق…
إن الطعام الفائق المعالجة مصنوع من خليط من المواد سكريات، دهون، بروتينات، نشويات، يتم الحصول عليها من محاصيل نباتية: كالذرة و القمح و قصب السكر و الصويا و أيضا من الحيوانات المدجنة، ثم تخضع كل هذه المواد لعمليات معالجة معقدة، و تضاف إليها الملونات و محسنات النكهة لجعل المنتج النهائي مستساغا.
كيف يمكنك التعرف على الأطعمة الفائقة المعالجة؟
في قائمة المكونات سوف تجد علامتين تميزان الأطعمة الفائقة المعالجة:
وجود مواد من النادر أن تستخدم في الطبخ المنزلي أو لا تستخدم اطلاقا، كأنواع من السكر :سكر الفريكتوز، شراب الذرة العالي الفريكتوز، لاكتوز، الزيوت المتحولة، بروتينات: بروتين الصويا، الكازيين و غيرها.
وجود إضافات تستخدم حصريا في هذه الأطعمة، كمحسنات النكهة، الملونات، سكر اصطناعي.
لم تكن الأطعمة الفائقة المعالجة موجودة قبل منتصف القرن العشرين باستتناء بضع منتجات لكنها اليوم أصبح منتشرة بشكل لا يصدق، لدرجة أنها تشكل نصف السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد في الولايات المتحدة و بريطانيا و كندا و استراليا، و أيضا من %20 إلى %40 في دول أخرى ذات دخل مرتفع و متوسط.
فما السر وراء هذه الشعبية الجارفة؟
إن الاطعمة الفائقة المعالجة معدة للاستهلاك الفوري أو تحتاج فقط للقليل من التحضير، و بالتالي فهي الخيار الأمثل لكل من ليس له وقت للطبخ، أو لا يمتلك أدنى مهارات له، و أيضا في بعض المناطق من العالم يصعب العثور على الخضر و الفواكه الطازجة لكن الأطعمة الفائقة المعالجة توجد في كل المتاجر.
ثم لا يفوتنا أن نشير لشيء أخر أن الأطعمة الفائقة المعالجة قد صممت لتكون لذيذة قدر الإمكان، يعود الفضل في ذلك للإفراط في استخدام تلات عناصر يحب الإنسان بطبيعته تناولها، و هي الملح و السكر و الدهون، يضاف إلى ذلك محسنات النكهة كل ذلك ليكتسب الطعام الفائق المعالجة مذاقا لا يقاوم و نقع في أسره.
و أخيرا و ليس أخرا انظر و أنت تتجول في المتاجر إلى أغلفة الأطعمة الفائقة المعالجة ستجد أنها مصممة بألوان و أشكال رائعة، ما يجعل الجميع ينجذب إليها خاصة الأطفال.
و لا عجب في ذلك فإن شركات الطعام تنفق أموالا طائلة لصنع اغلفة جذابة، و أيضا في سبيل الدعاية الإشهارية لمنتجاتها في التلفاز و وسائل التواصل الاجتماعي.
هذه هي بعض الأسباب التي جعلت الأطعمة الفائقة المعالجة تتفوق على الأطعمة الطبيعية و تزيحها من المضمار في الدول المتقدمة، و هي في صدد فعل الأمر ذاته في باقي دول العالم.
المواد المغدية في الأطعمة الفائقة المعالجة
بعد البحث في المكونات الغذائية للأطعمة الفائقة المعالجة فقد تبين للعلماء الحقيقة التالية:
إن الأطعمة الفائقة المعالجة ذات محتوى ضئيل من البروتينات و الألياف و الفيتامينات، و في المقابل فهي ذات محتوى مرتفع من الدهون و السكر.
فما الذي يعني هذا؟
يعني أننا عندما استبدلنا الأطعمة التقليدية بالأطعمة الفائقة المعالجة فقد أصبح نظامنا الغذائي فقيرا، و يخلو من عناصر مهمة للجسم، و هذا ما يفسر لنا لماذا يصبح الانسان عرضة لمخاطر صحية شتى عندما يدمن على تناول هذه الأطعمة.
المخاطر الصحية
الكثير من الأبحاث أثبتت وجود ارتباط وثيق بين الاستهلاك الكبير للأطعمة الفائقة المعالجة و الإصابة بأمراض خطيرة كالسمنة، السكري من النوع الثاني، أمراض القلب و الشرايين، السرطان و غيرها.
الأطعمة الفائقة المعالجة تزيد من الوزن
في تجربة شهيرة أجريت سنة 2019 ثم عزل 28 شخصا قسموا على مجموعتين و ذلك لمدة أسبوعين، المجموعة الأولى ستتناول الأطعمة الفائقة المعالجة لمدة أسبوع فيما المجموعة التانية ستتناول أطعمة طبيعية، و في الأسبوع التاني ستتبادل المجموعتين الأدوار.
النتيجة أنه في كلاتا المجموعتين و خلال الأسبوع الذي تم الاعتماد فيه على الأطعمة الفائقة المعالجة فقط فإن المرشحين قد تناولوا 500 كالوري إضافية، و ازداد وزنهم ب 0.9 كيلوغرام في اليوم.هذه الدراسة كانت الأولى من نوعها التي تتبث بما لا يدع مجالا للشك أن الأطعمة الفائقة المعالجة تؤدي إلى زيادة الوزن، و من تم السمنة.
دراسة أخرى خلصت إلى أن استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة بشكل كبير يرفع معدل إصابة الإنسان بالسمنة ل 1%50
أمراض القلب
قارنت إحدى الدراسات بين الأشخاص الأكثر استهلاكا لهذه الأطعمة مع من هم أقل فخرجت بالنتائج التالية:
الأشخاص الأكثر استهلاكا معرضون لخطر الاصابة بأمراض القلب و الأوعية بنسبة %29.
الأشخاص الأكثر استهلاكا معرضون لخطر الاصابة بالأمراض الدماغية كالسكتة الدماغية بنسبة 1%34.
أمراض و مخاطر أخرى
دراسات تمت في فرنسا، بريطانيا، اسبانيا خلصت إلى أن خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني يزداد بنسبة %65 بالنسبة للأشخاص الذين يستهلكون بكثرة الأطعمة الفائقة المعالجة.2
كل زيادة بنسبة %10 من الأطعمة الفائقة المعالجة في الوجبات الغذائية عند النساء يرفع خطر إصابتهن بسرطان الثدي بنسبة %11 و سرطان الرحم بنسبة 3%12.
دراسة تتبعت 1300 اسباني بالغ لمدة 6 سنوات أظهرت أن المدمنون على تناول الأطعمة الفائقة المعالجة ترتفع احتمالية اصابتهم بالفشل الكلوي بنسبة 4%74.
إذن بعد أن تعرفت على بعض المخاطر الصحية المرتبطة بالأطعمة الفائقة المعالجة هل أنت قادر على اتخاد قرار بالتوقف عن استهلاكها نهائيا؟
يتطلب ذلك بالفعل إرادة قوية إذ أن هذه الأطعمة تغري المستهلك بمظهرها الجذاب و مذاقها الرائع، ثم ماذا عن الاطفال و المراهقين، كيف يمكنهم أن يصمدوا أمام إغراء هذه الأطعمة و الكثير من دعاياتها الاشهارية مصممة لتستهدفهم في المقام الأول. من اجل ذلك قامت عدة دول في العالم بوضع قيود على هذه الأطعمة للحد من استهلاكها، و ذلك من أجل ضمان طعام صحي لمواطنيها.
Notice: Test mode is enabled. While in test mode no live donations are processed.
المصادر
1Pagliai G, Dinu M, Madarena MP, Bonaccio M, Iacoviello L, Sofi F. Consumption of ultra-processed foods and health status: a systematic review and meta-analysis. British Journal of Nutrition. 2021;125(3):308-318.
2Levy RB, Rauber F, Chang K, et al. Ultra-processed food consumption and type 2 diabetes incidence: A prospective cohort study. Clinical Nutrition. 2020
.3Fiolet T, Srour B, Sellem L, et al. Consumption of ultra-processed foods and cancer risk: results from NutriNet-Santé prospective cohort. BMJ. 2018;360:k322
.4Rey-García J, Donat-Vargas C, Sandoval-Insausti H, et al. Ultra-Processed Food Consumption is Associated with Renal Function Decline in
Older Adults: A Prospective Cohort Study. Nutrients. 2021;13(2):42